تحية الحياة لأبناء الحياة

إن الوعي القومي يحتم علينا أن نقدّر عظماءنا وأن يبقوا في وجداننا جيلاً بعد جيل. اليوم وفي الذكرى 25 على رحيل “الرفيق الأول، والأمين الأول، والرئيس الأول والمترهب الأول”، نفتقد لحكمته وحنكته وعظمة محبته المتجسدة بقوله: “تلك المرأة العمياء في بيت مري — أمي — لن أقوم بواجب البنوة نحوها فأفي حق الأمومة إلا إذا كنت متفانيًا مع أبناء بلادي من أجلها، ومن أجل كل أم ووالد وولد في بلادي، في نابلس، في النبطية، في إهدن، أو في بغداد”.
هذا بعض ما كتبه سعيد تقي الدين عن هذا الرجل القدوة لنا وللأجيال التي لم تولد بعد:
“وشعرت بشيء من الرهبة حين خلوت به في تلك الغرفة التي تشبه القفص، وتكلم جورج عبد المسيح؛ فإذا في صوته بحة وفيه هدير، ولاحت مدينة بومباي من جديد، وفجأة أدركت كيف يتآمر الشعور مع العقل اللاواعي؛ ففي مدينة بومباي رأيت الأسد لأول مرة وسمعت تهداره، وكان الأسد في قفص”.
“يقولون: إن جورج عبد المسيح يوحي بالاغتيالات. خذها مني إن الذي منع الاغتيالات هو جورج عبد المسيح. ويقولون: إنه شرس يأمر بالهدم. إن الشراسة في جورج عبد المسيح تطفو في بعض أحاديثه، ولكني لا أعلم من كان، سواه، يقدر أن يضبط هذه القوة الناقمة الثائرة، التي قُتل زعيمها وستة من أعضائها واضطهد وشرد ألوفها. من كان يقدر أن يضبطها لو لم تمسك بأعنتها يدان قويتان هما يدا جورج عبد المسيح.”
“إسمع،
كل من اعتنق عقيدة النهضة طهرت نفسه، فلم يعد طائفيًا ولا قبائليًا ولا أنانيًا يسخّر المصلحة العامة لمصالحه الخاصة، وشعر بمسؤولية نحو بلاده تحفزه للعمل من أجلها، واحترم نفسه فانتفض مُطرحًا عبوديته للأجنبي، وللإقطاعي ولتجار الوطنية والدين، وتعاون مع رفقائه ومواطنيه و… و…”
“ودفعت إليه بورقة بيضاء وقلت له: إكتب عليها أسماء من تعتقد أنهم أفضل القوميين الاجتماعيين.
قال: ليس بيننا مفاضلة؛ مبادئنا وإيماننا وتعاليمنا ووسائلنا معروفة – مَنْ فعلت به صيرت منه المواطن الأمثل، لا يفضل أحدنا الآخر إلا بقدر ما فعلت فيه العقيدة.
قلت: إكتب لي أسماء مَنْ جعلت منهم العقيدة المواطن الأمثل؟
فتناول الورقة، وكتب على صفحتيها : “أنطون سعاده””
جورج عبد المسيح، عظيم من عظماء بلادي تجسدت فيه روحية أمّتنا فتفانى في الصراع لكشف حقيقتها والعمل لبعث نهضتها وإحقاق حياتها عزة وكرامة.
ولكم سلامي القومي دائمًا.
14 أيلول 2024
ر. ز.ز.




