في الثامن من تموز نعدك


سنستمد من كلك لنواجه ونبني ونستكمل التأسيس
مصير العقائد العظيمة التي تتناول حياة الأمم بكل ظواهرها أن تتعرض للنقد والنقض والتسلل الى مبادئها الأساسية الثابتة بغرض حرفها عن مسارها أو القضاء عليها من الداخل قبل أن تنتصر أو بعد انتصارها . والعقيدة السورية القومية الاجتماعية تعرضت وما زالت تتعرض للتسلل أكثر مما تعرضت للنقد والنقض لأنها واضحة سهلة الفهم لمن أراد فهمها وأقبل عليها بغاية الادراك ،وصعبة محيّرة لمن أقبل عليها بغاية إشباع نزعته الفردية ولجأ الى اجتهادات ماتت في مهدها وخاب ظنه ، كاجتهادت العروبة والاشتراكية واللبننة وغيرها، لذلك رأينا الحزب ينشق الى تنظيمات ومجموعات ولم تنشق العقيدة الى عقائد ولا النظرة القومية الاجتماعية الى نظرات مختلفة ومتناقضة وما حصل بين بعض المثقفين القوميين الاجتماعيين من خلاف في وجهات النظر لم يكن إلا من بوابة الدخول الى المشاريع السياسية ، ولم يصل الى مرحلة القطيعة بينهم ولا مع سعاده ومن وصل الى مرحلة القطيعة غادر الحزب والوطن واستدرك في آخر أيامه عندما شعر بالوحدة ،أن أجمل أيامه كانت يوم كان عاملا في سبيل القضية السورية القومية الاجتماعية كغسان تويني ويوسف الخال وغيرهم .
ضاقت المسافة الزمنية وأصبحنا على مشارف فجر الثامن من تموز ،وبدأت تظهر معالم السباق بين المجموعات والتنظيمات ، أيهم يحشد أكثر ، أيهم يجيد الكلام أكثر ، أيهم يستضيف على منبر الاستشهاد أصدقاء وحلفاء وخطباء أكثر ، أيهم يفوز بتغطية إعلامية أوسع .
سباق محموم بين فرقاء يتسابقون على الفوز بالمكاسب .
لا يحق لمن شارك في الإغتصاب أن يدعو الى العفة . ومن شارك بالشرذمة ان يدعو الى الوحدة ، ولمن شارك بالفساد ان يدعو الى الشفافية ، ومن كان فقيرا وأثرى وهو مناضل أن يدعو الى الصدق ، ومن جمع المال بوسائل غير مشروعة أن يدعو الى النزاهة . لا يحق لمن قايض المبادىء بالألقاب والوظائف أن يدعو الى الاصلاح والإنقاذ .
اختلط حابل الاصلاح بنابل المصلحة فضاعت النبال وانقطعت الحبال وبقي الحال على حاله ، اختلط حابل الانقاذ بنابل التبييض والتلميع والترميم ،وأصبح الفاصل بين التلميع والتغيير أرفع من شعرة معاوية ، والتمييز بين المناضل والمتسلق أرفع من الخطوط الفاصلة بين معاني الكلمات ، والتورية سيدة المعاني وأصبح حديث النهضة في معرض كسب الأتباع أفضل الوسائل .
اعتقلوا حبر الرسالة في سجون أفكارهم ،ورسموا له تصميما على قدر قدراتهم وأفكارهم وأهدافهم ، واستطاعوا بالعبارة الجميلة والشعارات العظيمة كسب ود أبناء النهضة الأوفياء الذين قدّموا الثقة بالمؤسسات على الثقة بنظام الفكر والنهج ، ولأن بعضهم انخرط في مشاريع الفئوية حتى العظم .
جعلوا من حبر الرسالة درجا لأحلامهم ، أوراق اعتماد لوظائفهم، جوازات سفرهم المختومة بتأشيرات السفر الى عوالم تشبههم . حاولوا وما زالوا يحاولون تجريده من رتبة الفداء وإلباسه رتبة فخامة المناسبة فقط ،لكنهم فشلوا لأن الوجدان القومي كان أقوى من حياكة أفكارهم ولأن الفداء كان وحده طريق الخلاص في الأزمنة المصيرية الصعبة ..
من يرد لنا صدى الصورة والصوت ، من يخبرنا عن أسرار تلك الليلة التي لم يبح بها الزعيم وما زالت طي الكتمان لأنه لم يحاول أحد أن يدخل الى الثامن من تموز من بوابة خطة الانتصار ودخل اليها جميعهم من بوابة الاستشهاد فقط .، من يستطيع أن يرسم صورة سعاده وهو يرافع في المحكمة دفاعا عن الثورة القومية الاجتماعية الأولى وعن القضية السورية القومية الاجتماعية ، من يستطيع أن يصوغ بناء على حديث الكاهن ومقاطع مما وصلنا من بعض الشهود خطاب سعاده في تلك الليلة الى الأمة السورية والعالم العربي والعالم ، لو أننا عقدنا النية وتيممنا بحبر العقيدة واتجهنا لنقول ما كان يريد أن يقوله الزعيم ، لكنا حفظنا الحزب من لوثات الانشقاق والانقسام والارتباط والسفر على أجنحة لا تشبهه ، وأعدنا الى الامة الأجزاء السليبة ووضعناها على منصة تقرير مصير العالم .
من يرد لنا صبره وحكمته ، من يرد لنا جلَدَه على تحمل سذاجة المتفلسفين وتطاول المتطاولين على قامته العظيمة ، من يزرع فينا صبره على فايز صايغ وغسان تويني ونعمة ثابت وأسد الأشقر وأتباعهم ، من يرد لنا سر الابتسامة التي واجهت الموت .من يرد لنا سر الهدوء الحامل معنى الغضب .
نستمد من كلك في صباح الثامن من تموز لنواجههم كلهم أولئك الذين عبثوا بحبر استشهادك .
نستمد من كلك لإعادة البناء واستكمال التأسيس .
سامي سماحة
في 5/7/2023

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى