كلمة في الرفيق جورج عبّود خيرالله

آنَ رفع يمناه مقسمًا يمين الولاء لحزبه وأمتّه كان على وعيٍ وثقةٍ ودرايةٍ بأنّه سلك طريق الالتزام الفعلي ليقدّم للأمّة ما وهبت، وبأنّ هذا الطريق رغم تعقيداته وعراقيله، هو هو دون سواه الممرّ الأوحد لنهوض شعبه من الكبوات والعثرات التي رافقت تاريخه؛ وكان على معرفةٍ يقينيّة بأنّ هذا الطريق على صعوبته وتعرّجّاته وانحداراته الحادّة، إنّما يفرض على سالكه تحمّل الأعباء الاستثنائيّة المادّيّة منها والمعنويّة، فكان لها!
فشمّر عن ساعده الجدّ، وفولذَ إرادته لتكون على مستوى المواجهة القاسية، وانطلق بجدارة إلى ساح العمل البنّاء، في منفّذية الطلبة، كمنفّذٍ عامٍّ، في خضم الأجواء المشحونة داخليًّا وخارجيٍّا، مؤمنًا بقول المعلّم :” إنّ فيكم قوّة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ”. لم تثنهِ عنعناتٌ وافتراءاتٌ وافتعال مشاكل عن خوض غمار المواجهة الحادّة الهادفة دون تردّد أو تهاونٍ أو قلق بقناعة تامّة أنّ الصراع من أجل جودة الحياة هو سلاح المؤمنين الذي لا بدّ منه من أجل تحقيق الأجود والأسمى.
في سلسلة المسؤوليّات الإداريّة التي أوكلت إليه كان المبادر والملبّي وفي مقدّمة الرفقاء المولجين بتنفيذ المهمّات مهما كانت على قدر كبير من الصعوبات، جنديّ قوميّ حافظ على مزايا هذا النوع من الجنديّة وتمرّس بمتطلّباها في كلّ مراحل حياته الحزبيّة. إضافة إلى منفّذية الطلبة العامّة، تسلّم مسؤوليّة منفّذ عام منفّذيّة جبل لبنان الشماليّ العامة ناهيك بمسؤليّاته التنفيذيّة الأخرى كعميدٍ للخارجية ثمّ في مسؤوليّاته التشريعيّة كعضوٍ في المجلس الأعلى إلى حين انتقاله بالوفاة.
ولا يخفى على من رافقه في رحلته الحزبيّة مدى تلبيته لمهمّات متتابعة مع رفقاء مسؤولين في الكيان اللبنانيّ وفي الداخل الشاميّ لفتراتٍ طويلة، بمعيّة الرفيق رؤوف المصري أطال الله بعمره، وبرفقاء آخرين، والتي أثمرت تفعيلًا للعمل الحزبيّ وانتماءات جديدة.
وكما كان الرفيق جورج المناقبيّ المصارع بثباتٍ وعناد متجاهلًا عنعنات الصغار وصغائرهم، كذلك كان في وظيفته في الضمان الاجتماعي كمفتّشٍ أوّل؛ نموذجًا للموظّف الراقي الملتزم قواعد الأخلاق، والمثابر على تتبّع أبعاد القوانين وتطبيقها مهما كانت نتائجها قاسية على أصحاب الشأن.
يبقى أن نشير إلى أنّ الإحاطة بوجوه أعماله المتنوّعة يتطلّب جهدًا ووقتًا قد نتمكّن مستقبلًا من القيام بالمطلوب في هذا الشأن؛ مع التأكيد على عمق الخسارة، بفقد الرفيق جورج؛ عزاؤنا أنّه باقٍ في عقول وقلوب رفقائه الخلّص، وفي أولئك الذين غرس فيهم أسس العقيدة القوميّة الاجتماعيّة؛ فللمحبّين وللعائلة الكريمة ، شقيقة وأبناء شقيقة، وابن شقيق ووالدته عاطفة صافية ودعاء حارٍ يحمل في طيّاتهما أعمق المواساة بالمصاب الأليم.
الرحمة للرفيق العزيز جورج والسلام لروحه والصبر لآله ومحبيه.

والبقاء للأمة.
في 52 شباط 4202

الرفيق نايف معتوق

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى