كلمة في الرفيق رياض مقبل  18 شباط 2024

الانتقال بالوفاة محطة من المحطات الملازمة لناموس الحياة، وإن تفاوت الانتقال عمرًا بين إمكانيّة وأخرى، والفارق بين حالة وحالة تتلخّص في ما قدمّته الإمكانيّة لخدمة الحياة وجودتها؛ وبقدر ما تقدّم للحياة ما وهبته هذه الحياة على مدى استمرارها وفعل بذلها.

وكان الرفيق المنتقل رياض مقبل أحد الذين وعوا حقيقة الحياة بقيادة الزعيم، وآمنوا بقيمها، وأقسموا يمين الولاء للأمّة التي أنجبت، فكان الرفيق المؤمن الصراعيّ الذي لم يلن عوده أمام الضغوطات القاسية الماديّة والمعنويّة، ولم يحنِ هامًا أمام متجبّرٍ أو متسلّط أو متشاوفٍ، لم يجذبه إغراءٌ  ولم يُخفْه ترهيب؛  شأنه بذلك شأن رفقائه الذين جعلوا من قول الزعيم تاجَ حياة :” إنّ الحياةَ كلّها وقفة عزٍّ فقط”.

التزم في تمرّسه الحياتيّ بكلّ القيم التي تختزنها أمّته السوريّة والتي كشف عن عظمتها المعلّم سعادة، كما التزم بمضمون قسم الانتماء الذي أقسمه حين انتمى للحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ، ولم يغضّ الطرف في مساره الحزبيّ عن أيّ التواء أو انحراف أو انحدارٍ خلقيّ؛ وبالتوازي التزم بكلّ شروط الوظائف الإداريّة التي تحمّل المسؤوليّات فيها على قاعدة القسَم الذي أقسمه في دائرتها المحدّدة؛ ضمن مديريّة بيت مري ومنفّذيّة المتن الشماليّ ثم في منفّذيّة جبل لبنان الشماليّ إضافة إلى مسؤوليّته في عمدة الماليّة كخازنٍ عام؛ ولم يتوانَ يومًا عن تأمين كلّ مستلزمات الطباعة مهما كانت مرهقة مادّيًّا بالتعاون مع العميد الرفيق أدوار أبو جودة أطال الله بعمره.

ولا بدّ في هذا السياق من الإشارة إلى اهتمامه بكلّ الشؤون الحزبيّة بعد أن أقعدته الظروف وبات من الصعب الانتقال من مكانٍ إلى آخر؛ ولم يغب ولن عن يغيب ذهني ما كان يطالبني به دائمًا بمواكبة الأمور الحزبيّة على اختلافها. وممّا زاد في ألمه في المرحلة الأخيرة من حياته، أنّه بات عاجزًا عن القراءة، وحتى سمعه تدنّى إلى أدنى مستوى، فبات أسير العجز النظريّ والسمعي. وحين زرته مع زوجتي قبل انتقاله بعدّة أيّام لفت نظري تحسّن قدرته السمعيّة وطلب إليّ أن أسمعه في مرّة تالية مقدّمة كتاب “سعادة والقضيّة القوميّة” للرفيق عبده الخوري حنّا، ووعدته خيرًا، لكنّ الوفاة عاجلته قبل أن أحقّق له رغبته.

اهتمامه الدائم بالشأن العقديّ، واهتمامه بكلّ شاردةٍ وواردة حزبية في دائرة النظام الحزبيّ الداخليّ، من ميزات شخصيته الحزبيّة. كما أنّه كان مقدامًا في تلبية ما يطلب إليه، ولم تظهر منه أيّ إشارة تذمّرٍ مهما كان المطلوب قاسيًا.

عزاؤنا أنّه مستمرّ بأعماله وأخلاقه في ضمير كلّ من عرفه، وعزاؤنا أيضًا أنّه بنى عائلة تتميّز بوافر أخلاقها. فللعائلة الكريمة زوجةً وابنًا وابنةً، إضافة إلى الأقرباء والأصدقاء والرفقاء، عاطفة مواساة قد تخفّف من لوعة المصاب.

ستبقى أيّها الرفيق العزيز نموذجًا لكل العاملين بصدقٍ وإخلاص وثبات رغم كلّ الصعاب والعراقيل والضغوطات.

                                                                          والبقاء للأمةّ والخلود للزعيم

                                               عميد الإذاعة في الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ

                                                                   نايف معتوق

 في 18 شباط 2024.

أجاز نشر هذه الكلمة رئيس الحزب الرفيقة جوليات فيّاض حبيب.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى