مشروع أنطون سعادة ؟

في سياق المتابعة الاطّلاعيّة التي كانت وما زالت خبزنا اليوميّ، رغم هذا الكمّ الهائل المضني من المعلومات المتناقضة حينًا، والغامضة حينًا، والسطحيّة حينًا، والانفلاشيّة حينًا، والتفلسفيّة حينًا، والاختلاقية حينًأ، ناهيك بما هو مركّز، مفيد؛ في هذا السياق وقع نظري على تعبيرٍ أعتقد أنّه لا ينسجم مع واقع الحال ألا وهو “مشروع أنطون سعادة” في إشارة إلى عقيدته وفكره ومبادئه. فسألت نفسي: “هل إن ما جاء به سعادة هو مشروع؟”
في البحث عن معنى لفظة “مشروع” لغويًّا، يتبيّن لنا ما يلي:
المشروع: اسم مفعول من شرع؛
وشرع الرجل: أظهر الحقّ وقمع الباطل
عملٌ مشروعٌ: ما سوّغه الشرع. وما بدأتَ بعمله.
حضّر مشروعًا جديدًا: ما يحضّر في مجال من المجالات، ويقدّم في صورة ما أو خطّة ليدرس ويقرّر في أفق تنفيذه.
الطرق المشروعة: الوسائل القانونيّة.
خطة مشروع: وثيقة تصف النهج التقنيّ والإداريّ الواجب اتّباعه من أجل تنفيذ مشروع ما.
مشروع قوميّ: يعود بالنفع على الصالح العام.
فهل تنطبق هذه المعاني على التعبير المستخدَم المذكور آنفًا” مشروع أنطون سعادة”؟
وهل ما جاء به الزعيم “مشروع”؟
ولأنّ سعادة هو معلمّنا وقائدنا وقدوتنا، من الضروريّ والمفيد في هذا السياق أن نؤكّد أنه في كلّ كتاباته لم يستعمل لفظة “مشروع” في دائرة ما ذكر في العنوان، بل أشار إلى مشاريع في مختلف المجالات لخدمة القضية القوميّة التي ركّز عليها .
مبادؤنا، عقيدتنا، ليست ولا يمكن أن تكون مشروعًا، إنّها التعبير عن حقيقة حياتنا السوريّة, وفي العمل على جعلها فعلًا محقّقًا، نستعين بمشاريع من مختلف شؤون الحياة لتكون في خدمة هذه القضيّة. عقيدتنا ، مبادئونا قضيّة حياتنا، نعمل على تحقيقها وليست مشروعّا للتنفيذ؛ في “المشاريع” تغيّر وتبدّل وتعديلٌ وتأويلٌ وتحويرٌ، وهذا لا ينطبق على حقيقة الحياة المعبّر عنها بالمبادئ القوميّة الاجتماعيّة.
وفي خطاب الأوّل من آذار 1938 يخاطب سعادة القوميين قائلًا:

“ليست مبادئكم أيّها القوميون خطّة سياسيّة يمكن أن يبحث أخذ الأمر بها أو تركها حسبما يبدو للناس من إمكانية نجاحها أو حبوطها. إنّها مبادئ قضيّتكم التي تمثّل شخصيتكم ومصالحكم، إنّها مبادئ نهضتكم التي لا شخصيّة ولا كرامة لكم إلّا بنجاحها. إنّ قضيّة شخصيّتنا لا يمكن أن تكون خطة أو وسيلة ، فهي الأساس الذي نبني عليه كلّ منشأاتنا والمرجع لكلّ خططنا”.
إنّ مبادئنا هي “مبادئ حياة الأمّة السورية بأسرها” وبالتالي لم ولن تكون مشروعًا، بل نستعين بالمشاريع على مختلف مستوياتها لخدمة قيميّة هذه الحياة وتجويدها.
في 28 تمّوز
2023 الرفيق نايف معتوق

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى