من “عوامل فاصلة في الاتجاه السوري الحديث نحو عهد جديد”

قال سعاده:
“تعلمون مما أذيع عليكم أني سأحدثكم هذه الساعة في موضوع عوامل فاصلة في الاتجاه السوري الحديث نحو عهد جديد. وكأني بأكثركم يتساءلون: وهل يوجد اتجاه سوري حديث؟ إني أعرف الأسباب والعوامل التي منعت أكثر السوريين النازلين في بلاد غريبة من معرفة هذه الحقيقة وهي : أنه قد تولد حديثا في سورية اتجاه نحو عهد جديد يعرف باسم النهضة السورية
القومية الاجتماعية أو الحزب السوري القومي الاجتماعي”.
• أن أول عامل فاصل في الاتجاه القومي الحديث في سورية هو: الغاية الواضحة؛ فصور الفرق بين وجود الغاية وعدم وجودها، ثم أخذ يعين مراتب الغاية مبتدئا بالفردية والمادية التي كانت أول مرتبة من مراتب الغايات المدركة. ومثل الزعيم إنسانا سادرا يجول بصورة آلية ولا يقصد إلى أمر وسال هل يحقق أمرا وهو لا يسعى لشيء؟
• العامل الفاصل الثاني الذي هو: الشعور بالشخصية القومية فميز بين مراتب ارتقاء الإنسان من مرتبة الخضوع للعوامل البيولوجية البحت إلى مرتبة الشعور بالشخصية الفردية ثم بالعائلية ثم إلى مرتبة الشعور بشخصية الجماعة الكبرى- الشعب، الأمّة.
• العامل الفاصل الثالث هو القيادة وذكرنا من مزايا هذا العامل الفاصل المزايا الأساسية الآتية: الهداية الثابتة المستمرة، توحيد الجهود، حشد القوى على خطة واحدة، التخطيط وتعيين الأهداف التي يجب أن ترمي إليها الجهود والقوى المحشودة مع اجتماع عناصر القضية. وظهور القيادة في الاتجاه السوري الحديث هو أعظم خطوة إلى الأمام خطتها سورية في تاريخها الحديث، فهي دليل إدراك عال لخطورة القضية القومية ومتطلباتها الروحية والفكرية والتكنية.
• العامل الفاصل الرابع هو “السلطة”. فقال إنّ قيام سلطة من صميم الشعب السوري يطيعها السوريون ويرجعون إليها في أمورهم هو قاعدة الاستقلال الفعلي.
فالسلطة القائمة من الشعب في الشعب هي عنوان استقامة أمر الشعب وانتظام شؤونه ورفضه الاعتراف بأية سلطة أجنبية عليه. والشعب الذي يفقد مبدأ السلطة والطاعة يفقد مبدأ استقلاله الفعلي ويكون أمره فوضى فلا تقوم له قائمة.
هذه العوامل الأربعة، يقول الزعيم، هي عوامل فاصلة في الحركة السورية القومية الاجتماعية التي تقود الشعب السوري نحو عهد جديد. فما هو هذا العهد الجديد؟ هو عهد تحقيق مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي- عهد فصل الدين عن الدولة وجعل القومية السورية الجامعة الحقيقية للسوريين فلا يظلون متفرقين أديانا وشيعا، عهد إلغاء الإقطاع وتحرير الفلاحين من استعباد الإقطاعيين وتحسين أحوالهم المعاشية والثقافية ليكونوا أعضاء عامليين في الدولة القومية الاجتماعية، عهد إقامة العدل الاجتماعي- الاقتصادي على أساس الإنتاج ليحدث التوازن بين توزيع العمل واقتسام الإنتاج.
في العهد الجديد تزول الأسباب التي دعت إلى تقسيم الأمّة السورية إلى أمم ودول، شامية ولبنانية ودرزية وعلوية وفلسطينية وأردنية وعراقية وتستتب شروط الوحدة السورية القومية الاجتماعية وقيام الدولة السورية فتصبح السيادة القومية حقيقة ويصبح وطننا لنا وحينئذ يعود كثير منكم إلى وطنهم، ميراث آبائهم وأجدادهم وينضمون إلى أهلهم ويحيون حياة السيادة والعز بعد ما لاقوه من قهر ومشقة في غربتهم جزءا حرا من أمة حرة مجيدة هي أمة السوريين، الأمّة السورية.
من محاضرة الزعيم في فرقمينة نشرت في “الزوبعة في 30 نيسان 1941
النظام الجديد تشرين الاول 1950