08.04.2025 إضـاءة الـيـوم

تـحـيـا سـوريـة،
إضـاءة الـيـوم:
(…) طـبـيـعـيّ أنّ سـوريـة الّـتـي أخـفـقـت ورجـعـت مـنـكـسـرة ومـسـحـوقـة الـنّـفـس مـن أوّل مـحـاولـة لـمـواجـهـة قـضـايـا تـنـازع الأمـم الـحـيـاة والـتّـفـوّق، كـانـت سـوريـة الـنّـفـسـيّـة الـقـديـمـة الـمـريـضـة ـ نـفـسـيّـة الـتّـجـمـهـر بـاسـم الـدّيـن والـقـضـايـا الـدّيـنـيّـة، بـدلاً مـن الانـتـظـام فـي عـقـيـدة الـقـومـيّـة الاجـتـمـاعـيّـة، نـفـسـيّـة اتّـخـاذ الـقـومـيّـة لـبـاسًـا فـضـفـاضًـا لـلـحـزبـيّـة الـدّيـنـيّـة الّـتـي مـاتـت فـي كـلّ الـعـالـم الـمـتـقـدّم ولا تـزال تـمـتـصّ دمـاء الأمـم فـي الـعـالـم الـمـتـأخّـر!
تـلـك هـي سـوريـة الّـتـي أخـفـقـت فـي الـحـرب الـعـالـمـيّـة الأولـىٰ 1914ـ1918، فـلـن تـتـمـكّـن مـن انـتـهـاز تـلـك الـفـرصـة الـثّـمـيـنـة الـنّـادرة لـلانـتـقـاض عـلـىٰ الـسّـيـادة الـتّـركـيّـة واسـتـرجـاع الـسّـيـادة الـسّـوريّـة. ورفـع “الانـتـداب” الاسـتـعـمـاريّ عـنـهـا. تـلـك هـي سـوريـة الّـتـي خـسـرت كـيـلـيـكـيـة والإسـكـنـدرونـة. تـلـك هـي سـوريـة الّـتـي فـقـدت فـلـسـطـيـن وأذنـت بـقـيـام دولـة يـهـوديّـة فـيـهـا!
بـيـنـمـا كـانـت الـخـطـط الأجـنـبـيّـة تـوضـع لـسـلـخ أجـزاء مـن سـوريـة عـن جـسـم الأرض الـسّـوريّـة الأمّ، ولاسـتـعـمـار سـوريـة واسـتـعـبـادهـا، كـانـت تـثـار فـي سـوريـة قـضـايـا الأكـثـريّـة والأقـلّـيّـة الـدّيـنـيّـتـيـن، وكـان الـسّـيـاسـيّـون “الـوطـنـيـون” يـظـهـرون مـهـارتـهـم الـفـائـقـة فـي اسـتـغـلال الـنّـعـرات الـدّيـنـيّـة لـمـآربـهـم الـخـصـوصـيّـة، ولـتـوطـيـد نـفـوذهـم، وكـانـت الأطـمـاع الأجـنـبـيّـة الاسـتـعـمـاريّـة سـريـعـة الإدراك لـلـحـالـة الـنّـفـسـيّـة الـسّـوريّـة وسـريـعـة الـعـمـل لـلانـتـفـاع مـنـهـا فـغـذّت فـكـرة الـدّولـة الـدّيـنـيّـة فـي أوسـاط الـشّـعـب، وعـجّـل “الانـتـداب” الـفـرنـسـيّ فـي إنـشـاء دولـة لـلـمـسـيـحـيّـيـن ودولـة لـلـدّروز ودولـة لـلـعـلـويّـيـن، وكـاد يـنـشـئ دولـة مـسـيـحـيّـة ثـانـيـة لـلـمـسـيـحـيـيـن الآشـوريّـيـن. واسـتـغـلّ الاسـتـعـمـار الأجـنـبـيّ، إلـىٰ جـانـب ذٰلـك، الـخـصـومـات الـعـرقـيّـة مـن “عـربـيّـة” وشـركـسـيّـة وكـرديّـة وآشـوريّـة و”فـيـنـيـقـيّـة” الـمـخـتـلـطـة اخـتـلاطًـا شـديـدًا بـالـحـزبـيّـات الـدّيـنـيّـة (…).
سـعـاده
• يـتـبـع
الأعـمـال الـكـامـلـة، الـجـزء 8، ص 339 ـ 341
مـن “إقـتـتـالـنـا عـلـىٰ الـسّـمـاء أفـقـدنـا الأرض”
عـن “كـلّ شـيء”، بـيـروت، الـعـدد 108، 1949/4/22
إضـاءة_الـيـوم
إعـداد الـرّفـيـق نـزار نـزهـا
بـإشـراف عـمـدة الإذاعـة